كان خبر استحواذ شركة أمازون Amazon على موقع سوق.كوم من أبرز الأحداث المحلّيّة والعالمية كذلك، فقيمة الصفقة تتراوح ما بين 650 مليون إلى 750 مليون دولار أمريكي، وهي أرقام تعكس حجم المشروع الذي أثار اهتمام أمازون.
سوق.كوم لمن لا يعرفه هو واحد من أكبر متاجر التجارة الإلكترونية على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فهو تأسّس في 2005 كمزاد إلكتروني قبل أن يتحوّل إلى متجر إلكتروني على غرار أمازون. كما تصل خدماته إلى كل من الإمارات العربية المُتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، إضافة إلى مصر، والكويت، والبحرين، وسلطنة عُمان.
أما من الناحية المادّية فالموقع نجح في جمع 425 مليون دولار أمريكي كتمويل منذ تأسيسه، فهو حصل في عام 2016 على 275 مليون دولار من شركات بحجم Tiger Global Management، وNaspers، إضافة إلى مجموعة Standard Chartered، وهو ما سمح بقيمة سوق.كوم بالوصول إلى مليار دولار أمريكي تقريبًا.
المُنتجات المعروضة على سوق.كوم تتنوع كذلك، إذ يُمكن شراء بعض الأجهزة الإلكترونية -بعضها حصري على غرار هواتف ون بلس OnePlus-، إلى جانب الخضار، والفواكه، والكتب كذلك.
صفقة بهذا الحجم لم تأتي من فراغ أبدًا، فشركة أمازون ترغب بحسب التقارير في التوسّع على مستوى العالم، فمتجر أمازون متوفّر الآن في المكسيك، مع ضخ مليارات الدولارات الأمريكية في الهند لدخول هذا السوق الذي يُشكّل فرصة كبيرة لأي شركة نظرًا للنمو الكبير الذي تشهده البلاد هناك.
لذا، فإن دفع 750 مليون دولار أمريكي للاستحواذ على سوق.كوم الذي يستحوذ بدوره على 78٪ من التجارة الإلكترونية في المنطقة يُمثّل فرصة عظيمة، خصوصًا أن أرقام التجارة الإلكترونية عربيًا وصلت إلى 20 مليار دولار خلال 2016 بحسب بعض المصادر، صحيح أنها تُمثّل 1٪ أو 2٪ من إجمالي التسوّق في المنطقة، لكن فرصة النمو كبيرة جدًا مع ازدياد عدد مُستخدمي الهواتف الذكية في الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية بسرعة كبيرة.
وتأتي هذه الصفقة لتُبرهن قوّة المشاريع العربية بغض النظر عن نقص التمويل الذي تحصل عليه من المُستثمرين المحليين، فشركة مثل سوق.كوم تُمثّل فرصة عظيمة لكُبرى الشركات العالمية حتى ولو كانت أمازون التي تُدرك تمامًا أن دخولها لسوق الشرق الأوسط يتطلب منها بذل الكثير من الجهود ما بين الحصول على موافقات من الدول المُختلفة، واختيار مُزوّدات خدمة الشحن الأمثل، وغيرها الكثير من الأمور التي نجح سوق.كوم في معالجتها.
وبعيدًا عن زحمة التجارة الإلكترونية، تمتلك أمازون مجموعة كبيرة جدًا من المشاريع التي قد ترى النور كذلك في المنطقة العربية بفضل هذا الاستحواذ، فهي قدّمت في 2016 فكرة متاجر أمازون جو (Amazon Go)، وهي متاجر دون طوابير ودون نقاط مُحاسبة، حيث تقوم بتتبع المُستخدم منذ دخوله وحتى خروجه مع تسجيل كل المُنتجات التي قام بأخذها ومن ثم إرسال الفاتورة إلى هاتفه الذكي.
وإضافة إلى ذلك، تسعى الشركة لتطوير مُساعدها الرقمي إيكو، الذي لا يُتقن حتى الآن سوى اللغتين الإنكليزية والألمانية. وبالتالي، وصول أمازون إلى الشرق الأوسط من شأنه دفعها على دعم اللغة العربية بشكل رسمي بعد الاستفادة من الخبرات التطويرية الموجودة في هذه المنقطة.
فرص العمل من الأمور التي قد يوفّرها هذا الاستحواذ، فأمازون في 2016 وظّفت أكثر من 100 ألف شخص، وهو أمر رائع يُساهم في تحسين حياة الكثيرين بشكل أو بآخر ما بين افتتاح مخازن جديدة، وشواغر لإدارة مخازن تلك المتاجر عملًا بالآليات المُتّبعة عالميًا.
أخيرًا، تعكس مُشاركة مجموعة Goldman Sachs في إتمام الصفقة أهمّية سوق.كوم بالنسبة لأمازون، وأهمّية سوق.كوم على المستوى العالمي كذلك. والآن قد يتضاعف عدد المُنتجات الموجودة في سوق.كوم، وهو ما يُمثّل فرصة لنمو التجارة الإلكترونية على صعيد الوطن العربي.
شخصيًا، أرى أن تحدّي أمازون الأمثل في الوقت الراهن هو العمل على إرساء قواعد الدفع الإلكتروني على مستوى الشرق الأوسط نظرًا لخبرتها الطويلة في هذا المجال والصعوبات الكثيرة التي واجهتها في بداياتها التي تعود إلى عام 1994 تقريبًا.
المصدر