لا يخفى على أحد أنّ فهم ذواتنا ونفسية من حولنا يعلب دورًا مهمًا في تحديد مدى سعادتنا الشخصية، فكلنا نعاني بقدر لا بأس به من قناعات اكتسبناها من تجارب سابقة ومن المثبطات التي نتعامل معها يوميًا، والتي تجعل حياتنا أقل سهولة مما نتوقع.
نظن أحيانا أنّنا لسنا جيدين بما يكفي؛ لأنّنا لم نصل إلى نقطة معينة في حياتنا في تلك اللحظة المحددة سلفًا، مما يؤدي إلى شعور بالخوف من الفشل أو ببساطة من تقييمات المجتمع تجاهنا.
لكن وقبل إنجاز أي شي سنحتاج أن نبدأ أولًا بنفسية أفضل لتصويب أفكارنا وتصوراتنا، ونحد من قدر السلبية المتراكمة التي اعتدنا أن نرى بها أنفسنا.
هذه القواعد الخمس الحاسمة ستمكنك من رؤية نفسك والعالم بشكل أكثر بساطة في حال استطعت أن تكتسب القواعد كعادة حياتية دائمة.
1- الناس لا يهتمون كثيرًا كما تظن
قد تبدو هذه الحقيقة لأول الأمر قاسية بعض الشيء، ولكنها في الأصل حقيقةٌ لا مفر منها ومريحة جدًا إذا أدركتها بشكل صحيح. فكوننا محصورين في زاوية توقعات الآخرين ونفعل كل ما نفعله فقط إجابة على سؤال ماذا يفكر فلان عني، وماذا يتوقع علان مني فإنّ هذا هو الجحيم بعينه وسيعود علينا هذا السلوك بالدمار النفسي الممنهج؛ لأنّهم جميعًا لا يهتمون إلى حياتنا بشكل كامل، وإذا حدث هذا الشيء فلن يكون سوى عن خطوط عريضة نشترك فيها جميعًا.
احفظ هذه الكلمات في ذهنك معظم ما نظنه حول أفكار الناس عنا هي فقط مجرد افتراضات تخلقها عقولنا اعتمادًا على تجاربنا السابقة، أو على إدراكات وتفسيرات غير صحيحة.
أن تكون نفسك بدون وضع أي اعتبارات سابقة لردود فعل الآخرين وتوقعاتهم عنك؛ سيكون خطوتك الأولى والأساسية في طريق سعادتك الشخصية.
2- نحن نتغير باستمرار
لابد أنّك اختبرت هذا الشعور جيدًا في لحظة ما، وهو أنّ ذاتك الماضية مختلفة عن ذاتك الحاضرة، وستختلف قطعًا عن المستقبلية طبقا لـ اختلاف المعطيات التي تتعامل معاها، الظروف المحيطة حولك وتجاربك التي لا تنفك عنك، والتي أخيرًا ستصنع عقيلتك.
بسبب كل هذا يجب أن تكون صادقًا مع ذاتك الحاضرة عندما تقدم على صنع أي قرار أو خطوة إلى الأمام بعيدًا عن سجن الماضي وأشباح المستقبل، فنحن لا نستطيع إطلاقًا التنبؤ كيف ستفكر ذواتنا المستقبلية، وكيف ستشعر حيال هذا الأمر أو ذاك.
وأيضًا كل ما قد حدث في الماضي لا يخصنا هو يخص تلك الذات التي ماتت وذُرت رمادها مع أدراج الرياح. القوة الفكرية والنفسية يجب أن تكون للحظة الحاضرة الآن فقط.
3- المقارنة لا تجدي نفعًا (توقف عن مقارنة نفسك بالآخرين)
في حضور وسائل التواصل الاجتماعي الكثيف لاسيما وقد أصبح معظمها جزءًا لا يتجزأ من حياة الكثير، والذي بدوره يحفزهم بشكل غير واعٍ لمشاركة أجمل لحظاتهم بحالهم وترحالهم، والتي قد تصور بشكل واهم وغير حقيقي أنّ الحياة بأكملها تسير على هذا النحو معهم، وأنّ حياتهم منغمسةٌ بالنعيم بينما حياتك أنت محفوفةٌ بالعقبات، وتبدأ بمقارنة غير مرغوبة عن حياة وحقائق غير مثالية إلّا على الواقع الافتراضي فقط.
حتى في الحياة الحقيقة أيضًا نميل جميعًا إلى إظهار الجوانب المشرقة من حياتنا، ونعمد إلى إخفاء النواقص والعيوب خوفًا من أن نكون تحت وطأة إصدار الأحكام أو رفض الآخرين.
ولكن الحقيقة أنّنا كلنا نحمل ذلك القدر من الهشاشة والضعف. لذلك، إنّه من الحمق ومضيعة كبيرة للوقت أن نعتقد أنّ شخصًا ما أفضل منا، وأن حياته تمشي على خطى ثابتة بينما حياتنا تصارع بعض العقبات.
المقارنة والشعور بأنّنا أقل حظًا من بعضهم شعور قاتل ولا يجدي نفعًا؛ لأنّه حتى جميع أولئك الأقوياء ومن ظنناهم محظوظين لديهم مساحات من القلق والمخاوف تعشش في أعماقهم.
4- نصيحتك وعصارة تجاربك لن تكون مسموعةً دائمًا فلا تبتئس
ربما قد تجد صديقك العزيز واقع في ورطة حقيقية وأنت تعلم تمامًا ماذا يحتاج أن يفعل ليخرج من هذه الورطة بأقل الخسائر. لكنك يا فصيح لمن تصيح وأنت تحاول عبثًا أن تنصحه ماذا يجب أن يفعل بلا جدوى.
قد تكون حينها محبطًا حقًا؛ لأنّك أولًا وقبل كل شيء تود المساعدة وتخشى عليه العواقب.
في الحقيقة أنّه لن يأخذ بنصيحتك ما لم يتمكن من رؤية الأمور من نفس الزاوية التي تراها أنت وبنفس العقلية. لذلك، يجب أن تتغير عقليته ونظرته للأمور أولًا، ولن يتم هذا من خلال نصائح فوريه تقدمها أنت على طبق من ذهب، بل سيحتاج الأمر أن يختبره هو شخصيًا من خلال تجاربه الخاصة وبناء رصيد معرفته الشخصي.
لذلك عزيزي القارئ لا تبخع نفسك على أثارهم، ولا ترهق نفسك بشعور لا داعي له بأنّك غير مهم أو مهمل، لقد أديت دورك البسيط بالنصح والآن دعه يكتشف ما قلته.
5- تذكر أنّك تستطيع التحكم بردة فعلك فقط
لن تستطيع التحكم بكل المواقف السلبية والأحداث التي تواجهها يوميًا، ولكنك تستطيع أن تتحكم بردة فعلك. حاول تأخذ نفسك لثوانٍ معدودة خارج هذا الموقف المستفز قبل أن تصدر أي ردة فعل قد تكدر عليك عواقبه صفو يومك كاملًا، ناهيك عن تداعيات هذا الأمر المزعج التي قد ربما تصير أكبر بينما أنت في غنى عن كل هذا.
هذه الثواني المعدودة ستدرب عقلك لتعامل مع هذه المواقف القادمة بشكل أكثر سلاسة ومرونة.