عشر دقائق من اللعب مع أولادك يومياً تساعدك في بناء علاقة جيدة مع أطفالك، وقد توفر عليك الكثير من العناء فيما بعد.
كثيرة هي الشكاوى التي أسمعها يومياً من آباء وأمهات تخص أبناءهم، سواء ما يخص دراستهم أو علاقتهم بباقي أفراد الأسرة أو بعض السلوكيات غير المرغوب فيها، ولكن دائما ما تكون إجابتي واحدة في البداية، وهي بالسؤال عن الوقت الذي يقضيه الوالدان في اللعب مع الأطفال.
لاحظت أن كثيرا من الإجابات كانت عبارة عن أن الأطفال مسموح لهم باللعب طوال اليوم، وأنهم يلعبون مع إخوانهم أو زملائهم فترات طويلة، ولكن ليس هذا في الحقيقة المقصود من سؤالي.
سؤالي يتعلق باللعب المشترك بين الأب وابنه، أو الأم وابنتها، وليس عن فترات لعب الطفل عموماً، وعندها ألاحظ دهشة قد تعلو وجوه البعض من الآباء، ويتبادر إلى أذهانهم وألسنتهم السؤال.. لماذا؟
لماذا يجب أن تلعب مع أطفالك؟
التواصل عملية لها طرفان، وهنا هما الآباء والأبناء، وهناك محتوى لهذا التواصل، وينبغي لهذا المحتوى أن يكون مناسباً ومثيراً لانتباه الطفل، وأكثر ما يثير انتباه الطفل ويحفزه هو اللعب، فمن خلال اللعب تتكون علاقة دافئة بين الوالدين والأبناء، ويزداد رصيد الحب والمشاعر بينهم، ما يمهد الطريق إلى القرب بينهم.
لن أتحدث كثيراً عن فوائد اللعب للأطفال والآباء فكل من جرب اللعب مع الأطفال يعلم أن كلا الطرفين مستفيد وليس فقط الطفل؛ فهذه الروح الطفولية البريئة تنتقل إلينا نحن الآباء من خلال عفوية الأطفال وانطلاقهم وإبداعهم في اللعب، وهذا بدوره ينعكس إيجابيا على شخصياتنا التي ربما غيرتها متاعب الحياة، ولن أطيل في الكلام النظري عن فوائد اللعب مع الأطفال، ولكني سأحاول أن أنتقل مباشرة إلى التطبيق العملي، الذي كثيراً ما تدور الأسئلة حوله.
أنوع اللعب
هناك أنواع مختلفة، وأهداف مختلفة من اللعب منها:
– اللعب التعليمي.
– اللعب العلاجي.
ولكن اللعب الذي سنتكلم عنه الآن يسمي اللعب الحر، الذي يهدف فقط إلى إقامة علاقة صحية بين الآباء والأبناء.
ماذا نلعب مع أطفالنا؟
يحتار كثيرون عند رغبتهم في اللعب مع الأطفال، ولكن هنا لا مجال للحيرة لأن القاعدة هنا أن الطفل هو الذي يختار اللعبة التي سيلعبها خلال العشر دقائق المخصصة للعب.
وأياً ما كان اختياره سنسعى جاهدين إلى تنفيذه إلا أن يكون هناك ضرر على الأطفال أو الآباء في اللعبة المختارة. عندها فقط نشجع الأطفال على اختيار لعبة أخرى مع توضيح السبب، ولو لختار الطفل أن يستثمر هذه الدقائق في الحديث مع الوالدين فلا بأس كذلك. فبعض الأطفال الأكبر سناً قد يختار ذلك.
والسبب وراء ذلك هو جعل الطفل يشعر بأهميته، وأن اختياره له قيمة ومحل اعتبار من الوالدين، والحقيقة أن اختيار الطفل لا يشمل فقط نوع اللعبة، ولكن أيضا طريقة اللعب فلو اختار الطفل أن يلعب بطريقة مخالفة لقواعد اللعبة؛ كأن يختار كرة القدم، ولكنه مع ذلك يريد أن يمسك الكرة بيديه أيضاً فلا بأس، فليفعل الطفل ما شاء خلال هذه الدقائق دون إبداء التعليقات والنصائح المملة التي تفقده متعة اللعب.
ويشمل كذلك الانتقال من لعبة لأخرى، فبعض الأطفال يميل لتكرار نفس اللعبة حتى يشعر بأنه كفء ويكتسب مزيداً من الثقة بالنفس، ولكن بعض الآباء يميل إلى لعب ألعاب مختلفة في كل مرة، ظناً منه أن ذلك يبني شخصية الطفل، وأن التنوع أكثر إفادة له، والحقيقة غير ذلك.
كيف نلعب مع أطفالنا؟
عشرة توجيهات للآباء أثناء اللعب تساعد في تعظيم الفائدة من هذه الدقائق:
1- النزول إلى مستوى الطفل
النزول المادي والمعنوي من خلال اللعب بنفس المستوى مثل اللعب على الأرض، ومحاولة إتقان الدور الذي نلعبه مثلهم تماما.. فلو طلبوا أن نلعب دور “الدبدوب” أو العروسة أو نجري ونصدر صوت القطار فلنفعل ذلك.
2- مشاركته في اللعب
كما ذكرنا سابقا لا يكفي أن نكتفي بمشاهدة الأطفال يلعبون، بل المطلوب مشاركتهم اللعب، فالأطفال بطبيعتهم يلعبون طوال الوقت حتى لو تركتهم منفردين، ولكن الهدف هنا هو بناء علاقة جديدة بينك وبين الطفل من خلال المشاركة بنفسك.
3- ملاحظة تعبيرات وجه الطفل
دع تعبيرات وجه الطفل ترشدك وتقودك، فمتى رأيته سعيدا مندمجا أكمل ما تفعله، وإذا رأيته غير سعيد باللعبة أو بطريقة اللعب فبادر إلى تغيير اللعبة فوراً، واجعله يختار لعبة جديدة، أو طريقة أخرى يفضلها.
4- مدحه وتشجيعه على أفكاره وإبداعه
فبدلا من التعليق المستمر على الطفل أثناء اللعب بأنه كسر قواعد اللعبة مثلا، ينبغي مدحه والثناء على طريقة تفكيره في اللعب، حتى لو كان ما يفعله غير مفهوم بالنسبة إليك فهذا سينعكس على ثقته بنفسه، وقدرته في ما بعد على التعبير عن نفسه.
5- مراقبة طريقة لعبه
بعض الآباء يندمج أثناء اللعب، وينسى مراقبة لعب الطفل، ومن ثم ينسى تشجيعه ومدحه.
6- استخدام تعليقات غير مباشرة أثناء اللعب
فبدلا من سؤال الطفل مباشرة مثل كيف تسير السيارة؟ يمكن لعب دور السيارة بنفسك ثم الدخول إلى محطة البنزين لتعبئة الوقود، ثم الذهاب إلى الميكانيكي لتصليح العطل، وهكذا يفهم الطفل ما تريده بطريقة غير مباشرة، وفي نفس الوقت لا يكون اللعب كأنه امتحان.
7- تشجيعه كي يعتمد على نفسه في حل المشكلات
فعند عجزه عن بناء بيت من المكعبات لا تسارع إلى بنائه له، ولكن يمكنك أن تقول له إنك تثق به وبقدرته على بناء البيت، ويمكنك عندها تقديم بعض التوجيهات حتى يحل المشكلة بنفسه.
8- الاهتمام به أثناء اللعب
البعض يبدأ اللعب مع الطفل ثم سرعان ما ينصرف باهتمامه عنه بأشياء أخرى، ما يدفع الطفل إلى اللعب بصوت مرتفع، فيعود الآباء بانتباههم إلى الأطفال، فيتعلم الطفل بطريقة غير مباشرة أن هذه هي الطريقة المثالية لجذب انتباه الوالدين.
9- جعله يتصرف بعفوية
بعض الأطفال أثناء اللعب تصدر منهم كلمات أو سلوكيات بعفوية، وربما تكون غير مناسبة فإن استطعت تجاهل هذا السلوك فهذا أفضل أما إن كان هذا غير ممكن، ويتكرر متعمدا فيمكنك تحذيره إذا تكرر بأنك لن تكمل اللعب الآن.
10- الحرص على ملامسته أثناء اللعب
فالأطفال يحتاجون إلى الكثير من الأحضان والتلامس الجسدي مع آبائهم، ويمكنك مشاهدة لعب بعض الحيوانات مثل القرود مع بعضها لتدرك أهمية ذلك ونفعه على صحتهم النفسية.
مدة اللعب؟
عشر دقائق يوميا لكل طفل، ويفضل أن تكون في ميعاد ثابت يوميا، ويتم الاتفاق على ذلك مع الطفل، وفي حال حدوث ظرف طارئ ولم تتمكن من اللعب تضاف العشر دقائق إلى وقت اليوم التالي.
تنبيهات أخيرة
– الأفضل أن يكون اللعب منفردا مع كل طفل؛ إلا أن يختار الأطفال اللعب معا، وعندها يتم جمع دقائق كل طفل مع الآخر؛ على أن يكون اختيار اللعبة بالتناوب بين الإخوة حرصاً على عدم سيطرة الأخ الأكبر مثلاً على اختيار اللعبة في كل مرة.
– قبل نهاية اللعب بخمس دقائق نذكرهم أنه بقي خمس دقائق على نهاية اللعب اليوم، وأننا سنكمل اللعب غدا فهذا يهيئهم نفسياً لقبول نهاية اللعبة اليوم.
– هذا الوقت ملك لطفلك فلا تنقطع أو تنشغل عنه لأي سبب.
المصدر
لقراءة المقال من المصدر